عمرو موسى فى لقاء شامل مع (الشروق) - (1): أولوياتى) دستور جديد ومحاربة الفساد)

دينا عزت -

دستور يؤسس للديمقراطية، ويحد من صلاحيات رئيس الجمهورية، ويؤكد استقلال القضاء، وسرعة إعادة النظر فى السياسات الداخلية والخارجية للبلاد لإنهاء حالة التراجع الكبير الذى تعرضت له فى عهد النظام السابق. هى أولويات وضعها المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية عمرو موسى، خلال لقاء مع أسرة تحرير «الشروق».

وفى الحلقة الأولى من الحوار، تركز الحديث مع عمرو موسى حول رؤيته لمهمة الرئيس القادم.

موسى، الذى جدد الالتزام بالترشح لمدة رئاسية واحدة يعمل خلالها، إذا ما حظى بثقة الناخب المصرى، من خلال منظومة متكاملة، وفريق عمل يهدف لوضع البلاد على طريق النهضة، أكد أن الرئاسة القادمة هى بصورة أو أخرى مرحلة التأسيس لاستنهاض مصر من عثرة كتبت عليها ولم تكن لتستحقها.

المرشح الرئاسى المحتمل قال إن هذه الفترة لابد أن تشهد من الحراك والقرارات ما يؤكد لحقيقة أساسية: أن مصر بلد الجميع وكل مواطنيها فيه سواسية.

الحديث عن أحوال الاقباط فى مصر والدور السياسى الممكن للإخوان المسلمين والقلق الذى يعترى البعض من ارتفاع مد تيار الإسلام السياسى كانت على مائدة الحوار مع موسى، كما كانت قضايا أخرى تتعلق بحال الاقتصاد والتنمية ومكافحة الفقر وتطوير التعليم.

فى البداية تطرق الحديث إلى الصورة السياسية التى يتبناها موسى ورؤيته للفترة القادمة وما يمكن أن تحمله من خيارات سياسية. وفى هذا قال موسى إن مصر تمر بأوقات تتطلب التشاور بين كل من لديه تصور يمكن أن يطرحه حول السير نحو المستقبل بما يحقق النهضة المستحقة لأبناء الشعب المصرى.


فتح الملفات

وأكد موسى أنه لا جدال فى أن ثورة 25 يناير «ثورة حقيقية وهى ثورة ناجحة، نجحت بمعنى أنها أدت لنتائج واضحة» من بينها تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك وفتح العديد من الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية ووضعها على مائدة البحث والتداول.

ويستدرك موسى أن نجاح الثورة فى تحقيق الهدف الرئيسى لها لا يرفع المسئولية عن المجتمع بأسره من التعامل مع المرحلة شديدة الحرج التى تمر بها البلاد بما يضمن الوصول إلى «نظام ديمقراطى مستقر على أساس دستور واضح الصياغة ومعبر عن روح الأمة وبه رئيس منتخب كذلك مجلس نيابى منتخب، أو مجلسان منتخبان حسبما يتفق الرأى».

هذا النظام القادم، كما يضيف موسى، ينبغى أن يعمل فى إطار نظرة مستقبلية هدفها الرئيسى أن يكون لمصر النهضة المستحقة ويكون لأبنائها رخاء العيش والحق فى التمتع بالحريات والكرامة التى هم أهل لها.

وتحقيق ذلك كما يشدد موسى يتم بالاستعانة بأهل الخبرة والابتعاد عن المركزية التى اعتمدت خلال السنوات الماضية على أهل الثقة. وبحسب المرشح الرئاسى القادم فإن تحقيق ذلك يعنى بالضرورة إعادة «انتخاب العمداء فى الجامعات وكذلك انتخاب المحافظين بل والعودة لانتخاب المجالس البلدية والقروية» وهى ممارسات سياسية سبق للمجتمع المصرى أن اختبرها وحقق من خلالها التوازن المطلوب بين الإطارين الشعبى والحكومى.

غير أن موسى الذى خبر الحياة السياسية طويلا من خلال عمله فى الخارجية المصرية التى ترأسها لعشر سنوات قبل أن يقرر الرئيس السابق حسنى مبارك إقصاءه جراء خلافات حول إدارة الملف الفلسطينى ليذهب إلى الجامعة العربية حيث أمضى عشر سنوات فى معارك سياسية لا تنتهى فى محاولة لإقناع الدول العربية بوقف الحرب على العراق أو بوقف الحرب على لبنان أو إنهاء الحصار والعدوان على غزة، يعرف يقينا أن الطريق إلى تحقيق الأهداف المبتغاة هو دوما طريق محفوف بالتحديات والمواجهات.

واليوم وهو يقف على أعتاب عمل سياسى محلى يعى موسى تماما كما قال لأسرة تحرير «الشروق» أن ما أتت به ثورة 25 يناير وما وقع من أجله شهداء على ارض ميدان التحرير يواجه بتيار يريد أن يأخذ الوطن فى اتجاه غير ذلك الذى حلم به أبناء الثورة وبناتها من حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية.

ويرى موسى أن ضمان استمرار الثورة فى تحقيق أهدافها يتطلب بالضرورة إدراك وجود هذا التيار المناهض بما لحق به من خسائر، حتى وإن كانت مصالح هؤلاء كما اتضح مما كان عليه الحال فى السنوات الأخيرة اختصاما من صالح الوطن وحقوق أبنائه بل وقوتهم وأسباب راحتهم وعيشهم الكريم.

«لقد حدث خلل كبير فى المجتمع المصرى تراكم فى سنوات متتالية وإنما تفاقم خلال العشر سنوات الأخيرة وبالذات فى الخمس سنوات الأخيرة حيث ساد إهمال حقيقى وعجز وسوء إدارة للأمور»، حسبما يؤكد موسى.

ويقول موسى إن «التوريث طبعا» كان من أهم أسباب ما حل بمصر من تراجع خلال السنوات الماضية، حيث تراجع العمل الهادف لخدمة المجتمع واقتصر العمل على خدمة مشروع التوريث. ويضيف أنه كان من «الواضح للكثير منا أنه سوف يحدث انفجار، ويدهشنى كثيرا أن مجموعة النظام لم تكن ترى ذلك ربما لشدة اعتمادها على الأمن والتخطيط الأمنى دون الأخذ فى الاعتبار موقف الشعب عندما يضيق به الحال».

اليوم يريد المرشح الرئاسى التحرك الجماعى للمجتمع بكل أبنائه على اختلاف ثقافاتهم وانتماءاتهم السياسية والعمل على إصلاح هذا الخلل وهو ما يتطلب جهدا كبيرا ومتواصلا ومتوازيا، كما يقول، للتعامل مع جميع القضايا الملحة للمجتمع سواء ما يتعلق بالتعليم والبحث العلمى والزراعة والصناعة وحقوق المواطن وأحوال المرأة وغير ذلك.


العبء ثقيل

موسى يشدد بدون مواربة على أن الازدهار لن يأتى دون عمل جاد والتزام مجتمعى بإصلاح الخلل الذى وقع على المجتمع، ويقول موسى إن «العبء سيكون ثقيلا جدا»، مشيرا إلى أنه على من يترشح للرئاسة أن يدرك أنه وفريق العمل الذى سيتعاون معه سيكون محملا بمسئوليات لا تتحمل أى تلكؤ أو تباطؤ وبما يستلزم وجود خطة واضحة المعالم والتفاصيل تتوافق حولها الآراء ويتم الالتزام بتنفيذها فى إطار متابعة واضحة من السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية.

العمل فى الأيام القادمة إذن، حسبما يصر موسى، يجب أن يكون عملا نحو التوافق على خطة استنهاض مصر قبل أن يكون تنافسا سياسيا ـ يجب ان يكون بالضرورة شريفا ونزيها ـ بين أحزاب تسعى لمقاعد فى المجالس النيابية أو مرشحى رئاسة يسعون لنيل شرف خدمة المجتمع والسعى نحو الإسهام فى مشروع استنهاض مصر.

«يجب أن نتفق على شىء، وهو أن مصر تحتاج لإصلاح ضخم جدا وعميق، كما تحتاج لأموال وعقول كثيرة وتحتاج إلى جرأة وليس أن نقوم بسد خانات»، حسبما يقول موسى.

وفى هذا فإن المرشح الرئاسى يطرح رؤية مؤداها أن السنوات الأولى فى الجمهورية الثانية قد تتطلب العمل طبقا للنظام الرئاسى قبل أن يأتى لاحقا، إذا ما توافق الشعب، على الانتقال إلى النظام البرلمانى.

تأييد موسى للنظام الرئاسى، كما قال لـ«الشروق»، ينبع من قراءة الواقع السياسى المصرى حسبما آلت إليه الأمور بعد سنوات من تهميش الأحزاب وعرقلة القوى السياسية، حيث لا تبدو الأحزاب مستعدة بما يكفى بقواعد سياسية واسعة تؤهلها للتحمل المباشر بالمسئوليات بالصورة التى كان يمكن لها أن تقوم بها لو لم تكن تعرضت للتهميش المتواصل، «فالأحزاب القديمة ليست جاهزة، والأحزاب الجديدة لم تجهز بعد، ولا أعتقد أن ذلك يمكن أن يحدث فى نحو 3 أو 4 شهور» حتى الوصول إلى الموعد المقرر للانتخابات البرلمانية القادمة حسب الإعلان الدستورى الذى تم الإعلان عنه مؤخرا.

موسى يصر على أن الوصول بالحياة السياسية فى مصر إلى الحال التى تسمح بالتنافس السياسى المؤطر لأحزاب قوية وفاعلة كان يتطلب المزيد من الوقت، مشيرا إلى أن ضيق المساحة الزمنية الممنوحة للأحزاب السياسية والمجتمع للتفاعل وصولا إلى الانتخابات البرلمانية كانت أحد الأسباب التى دفعته للتصويت بـ«لا» على التعديلات الدستورية التى تم إقرارها مؤخرا.

الساحة السياسية كما يراها موسى اليوم بها قدرات سياسية كامنة فى عديد من المواطن ولكن يسيطر عليها بالأساس جماعة الإخوان المسلمين «التى لها الدور ولها الحق فى الدخول للساحة السياسية» والقادرة على ذلك من خلال قدراتها التنظيمية وكذلك مجموعة المصالح التى توصف بفلول الحزب الوطنى لها اتصالات ومصالح متداخلة وقواعد فى عدد من القرى والمراكز فى مختلف المحافظات وهى قادرة اعتمادا على الصلات العائلية والعصبيات القبلية على الاحتفاظ بعدد غير قليل من مقاعد البرلمان القادم، «لكن السؤال يبقى حول باقى التيارات السياسية المختلفة من اليسار لليمين»، التى يقول موسى إنه ليس لها الوجود «بالمعنى الحقيقى للكلمة» على الساحة السياسية مما سيكون من شأنه أن البرلمان القادم قد لا يكون معبرا بالكامل عن مختلف التيارات السياسية التى يتبناها المجتمع المصرى وهو ما قد يطرح بعض التساؤلات حول مدى قدرة هذا البرلمان على أن يقود الحياة السياسية فى الفترة القادمة من خلال نظام برلمانى يعتمد بالأساس على التحالفات السياسية وتعيين الحكومات بناء على هذه التحالفات.


نظام رئاسى أولاً

ويشدد موسى على أنه «ليس ضد الحكم البرلمانى فأنا أؤمن بالنظام الحر الديمقراطى البرلمانى، ولكن ما أقترحه هو أن يكون النظام الرئاسى قائما لمدة تتراوح بين 8 إلى 12 عاما على الأقصى» ليعود المجتمع بعد ذلك للتشاور حول النظام السياسى المتبع بعد أن تكون الأحزاب السياسية قد نالت الوقت الكافى لاستعادة الثراء السياسى للأحزاب.

غير أن موسى يشدد على أن العمل بالنظام الرئاسى لا يمكن أن يكون كيفما كان الوضع عليه عبر عقود الجمهورية الأولى وإنما يجب أن يكون له ضوابط واضحة من أهمها تحديد مدة الرئاسة وقصر المدد المتاحة للرئيس توليها، وإضافة إلى ذلك تحديد ضوابط واضحة لسلطات رئيس الجمهورية وضمان خضوع عمله بالكامل للمراقبة والمساءلة.

«يعنى حكاية أن الرئيس يأتى ويبقى لآخر نبضة فى القلب خلص خلاص»، هكذا يقول موسى. ويضيف أن الرئيس القادم عليه أن يعلم «من الدقيقة الأولى أنه محدد المدة، فمن الدقيقة الأولى يعلم أنه بعد 1500 يوم ضرورى أن يرجع تانى لانتخابات ولما يرجع تانى لابد أن يكون له كشف إنجاز سيوضع أمام الناخبين ليقرروا بعد أربع سنوات إذا ما كانوا يريدون استعادة انتخابه».

أما موسى فهو لا ينوى الترشح لأكثر من مدة كيفما يقرر وإن كان يعلم أن الرئيس الأول فى الجمهورية الثانية سيكون قيد المساءلة كل يوم وكل ساعة عما يقوم به لضمان استقرار الحكم الديمقراطى الذى من أجله كانت ثورة 25 يناير التى استعادت لمصر حيويتها ورونقها ولفتت أنظار العالم إلى قدرة المجتمع المصرى على استعادة الروح والإطاحة بالديكتاتورية.

موسى يعلم علم اليقين، كما يقول، إن الرئيس القادم سيعمل فى إطار واضح من الفصل بين السلطات واستقلال القضاء وقبل ذلك وبعده اعتمادا على «العقلية والروح الجديدة التى أوجدتها ثورة 25 يناير»، ويضيف أن الرئيس القادم سيعمل وفى ذهنه صورة لا تفارقه لميدان التحرير يوم أن امتلأ بشباب مصر وأبنائها فى ثورة على الديكتاتورية.

أداء الرئيس القادم من اليوم الأول يجب أن يكون واضحا فى تلبية أهداف الثورة وعلى رأسها رفع حالة الطوارئ إذا لم تكن قد رفعت مع انتخابه.

أداء الرئيس أيضا يجب أن يحتكم لدستور، يصر موسى، على أن «تكتبه جميع شرائح المجتمع المصرى وليس الفقهاء الدستوريين فقط». ويقول «إن لكل مواطن فى مصر حصة فى كتابة الدستور، فالدستور هو ملك لكل فئات المجتمع لكونه روح الأمة» والنهج الذى يحدد أهدافها وطريقها إلى المستقبل.

صياغة دستور الجمهورية الثانية إذن تتطلب فى رأى موسى «لجنة (قانونية) لصياغة مشروع الدستور وكتابته، يأتى عملها بعد اعتماد بنود الدستور والموافقة عليها من قبل لجنة منتخبة انتخابا مباشرا من الشعب لهذا الغرض، تكون ممثلة لكل الشعب شبابا وكبارا، نساء ورجالا، مسلمين ومسيحيين».

ويصر موسى على أن الشعب المصرى يمكن له فى إطار من «التشاور الوطنى» التوافق على نحو 600 شخصية يتم من بينها انتخاب الهيئة الدستورية لأنه يرى أن الجهة التى ستكلف بوضع بنود الدستور يجب أن تكون «منتخبة من الشعب وليست مختارة من أى مجموعة حتى من مجلس الشعب نفسه».


إراحة الناس

وفى عهدة الدستور الذى يتم صياغته بناء على رغبة الشعب يرى موسى أن الرئيس القادم سيكون عليه العمل فورا على اتخاذ كل ما يلزم لمواجهة حقيقية وحاسمة مع الفساد «الذى أثر على حياة الناس والفقراء والطبقة المتوسطة وغيرهم، والموجود فى كل ركن من أركان البلد سواء التعليم والصحة والزراعة».

وفى إطار حديثه عن محاربة الفساد يتحدث موسى عن العمل على إلغاء كل القوانين المقننة بالفساد أو تلك التى تفتح الباب أمامه، وهى فى رأيه كثيرة ومتشابكة بل تكاد تكون «غابة من القوانين» المؤطرة للفساد بل والمنشئة له والحامية للمفسدين.

وبالتوازى مع ذلك، يضيف موسى، أنه سيكون على الرئيس القادم أن يعمل على اتخاذ حزمة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية التى تسهم فى «إراحة الناس»، ومن أمثلة تلك الإجراءات استرجاع الأمن الذى أصبح غيابه عبئا على المجتمع، مع الأخذ فى الاعتبار ضرورة تأهيل الشرطة بالكيفية الواجبة وبأسرع ما يمكن، وتنفيذ أحكام قضائية لا نهائية تكفل استرجاع حقوق أقرها القضاء ولم يتم تنفيذها لأسباب مختلفة، وكذلك توفير حلول لقضايا التعليم التى أصبحت هاجسا للكثيرين والمشاكل اليومية للمزارعين والعمال وتوفير الخدمات الصحية فى القرى بصورة مباشرة وبكفاءة واضحة.

وفى هذا يقترح موسى تشكيل لجان من أصحاب الخبرات تقوم بوضع حلول مقترحها يبدى فيها الرئيس الرأى ثم يرفعها للنقاش والتوافق بين مجلسى الوزراء والشعب على أن يتم تنفيذ ما يتفق عليه فى خلال أسابيع أو شهور قليلة.

ويعتقد موسى أن قدرة الرئيس على التصدى السريع لمثل هذه المشاكل بما يكفل تحقيق هدف تحسين حياة المواطنين تتطلب بالضرورة الاستعانة بكوادر لها قيمتها وقاماتها ـ ويشير على سبيل المثال فى ذلك إلى قدرات العطاء الكبيرة لأبناء مصر ورغبتهم فى تقديم خبراتهم، مثل العالم المصرى أحمد زويل وقدرته على تقديم الرأى السديد فى مجال النهضة بالتعليم أو العالم الطبيب المصرى الأصل الأشهر مجدى يعقوب وقدرته على طرح تصورات لتحقيق نقلة فى مجال الصحة، ويقول «هناك الكثيرون من أبناء مصر الراغبون فى خدمتها ويجب علينا أن نمكنهم من القيام بذلك».

وإلى جانب الاستعانة بالخبرات يرى موسى أن استنهاض مصر يتطلب بالضرورة الاستعانة بأبنائها وثروتها البشرية، ويقول «لا يمكن أبدا أن ينظر أحد لسكان هذا الوطن على أنهم بلوة بسبب كبر حجمهم، بل يجب علينا التعلم من التجارب الناجحة لبلاد مثل الصين والهند والبرازيل وعدد سكانها أضعاف سكان مصر ولم تكن عقبة فى طريق التنمية مثل البرازيل وماليزيا وفيتنام عرفت كيف تحقق الفائدة بثروتها البشرية ومن أجلها، ونحن فى هذا لا نخترع العجلة».

وفيما يتعلق بالنمط الاقتصادى الذى يراه موسى قادرا على الإسهام فى استنهاض مصر وتحسين حال المواطن وتعظيم الاستفادة من الثروة البشرية فهو كما يقول «اقتصاد حر وعدالة اجتماعية».

وفى هذا الإطار يقترح موسى تحقيق نهضة اقتصادية تستفيد من قدرة مصر على اجتذاب الاستثمارات وتعظيم قدرات الزراعة والصناعة بما يمكن الدولة من تنفيذ مقترح «بدل البطالة» الذى يقترحه حسن هيكل.

ويصر موسى على أن المعيار الرئيسى عنده لتحسن الاقتصاد «هو أن الناس تحس بهذا التحسن فعلا، لأنه ما يمكنش أن الشعب يكون بيعانى والحكومة بتقول إن الاقتصاد بيتحسن وأن النمو بيزيد من 6 إلى 7.5% والناس متحسش بأثر هذا النمو، فيجب أن يحس الشعب بمردود التقدم الاقتصادى وأن يشعر بالجدية فى الأداء وأن المردود يعود للشعب».

وفى إطار طرحه «للاقتصاد الحر والعدالة الاجتماعية» يشير موسى إلى الحاجة للنظر فى مسألة الضرائب ويصر على أن إعادة النظر هذه يجب أن تجد طريقة مناسبة» للتعامل مع الطبقات الفقيرة وأن تطرح أسئلة حقيقية حول أفضل أنواع الضرائب ملاءمة للوضع فى مصر وهل الضرائب التصاعدية هى الأفضل أم نوع آخر» كما يجب أيضا أن تنظر فى أمر الجمارك لتقرر السبيل الأمثل لإدارتها وتحقيق الفائدة منها للمجتمع.


جذب الاستثمارات

أيا كانت الصياغات الاقتصادية التى سيتوافق عليها المجتمع فإن موسى يرى ضرورة سريعة وملحة لتحقيق استقرار اقتصادى متواز مع استقرار سياسى بما يضمن جذب الاستثمارات التى يرى أنها راغبة فى القدوم إلى مصر وقادرة على الإسهام فى تجاوز البلاد لعثرات اقتصادية حالية واحتمالات لا يقلل منها فيما يتعلق بارتفاع وارد لنسبة البطالة ووضع واعد لجذب الدول الأخرى لمساعدة مصر.

ويشدد موسى على أن الجمع ما بين محاربة الفساد وتقوية الاقتصاد يمكن أن يسهما فى تحقيق الهدف الملح لمكافحة الفقر فيما يتعلق بالفقر الذى ينال من نحو 50% من أبناء الشعب المصرى الذين يعيشون تحت خط الفقر، أى على أقل من دولارين فى اليوم. ويقول «هذه مسألة فى غاية الخطورة ويجب أن توضع مشكلة الفقر على مائدة البحث مباشرة، ويجب أن تكون مكافحة الفقر الهدف الأول للتعامل معه وأن يكون الهدف الرئيسى الذى نضع أعيننا عليه ونحن رسم الخطط الاقتصادية والخطط الاجتماعية».

ويصر موسى على أن ضمان الجمع بين الاقتصاد الحر والعدالة الاجتماعية يكمن فى ألا يقتصر الاهتمام على كبار رجال الأعمال بل أن يذهب أيضا لرجال الأعمال الصغيرة والمتوسطة القادرين على إيجاد حركة نشيطة من العمالة والتجارة الداخلية.

المصدر جريدة الشروق

Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق